بيان مشترك لمنظّمات المجتمع المدني بشأن التلاعب المستمرّ بأجهزة الاتّصالات والأزمة الإنسانية الناجمة عن ذلك

نحن، منظّمات المجتمع المدني الموقّعة أدناه والخبراء المستقلّون في مجال حقوق الإنسان، نُدين بشدّة سلسلة الانفجارات الخبيثة والعشوائية التي طالت أجهزة اتّصالات في مناطق مختلفة من لبنان وسوريا، والتي أسفرت عن مقتل 37 شخصاً على الأقل، بينهم طفلين على الأقل، وأدّت إلى إصابات وإعاقات لـ3400 آخرين. تُشكِّل هذه الهجمات غير المسبوقة من حيث طريقة ارتكابها وحجمها – اعتداءً صارخاً على الحقّ في الحياة والركائز الأساسية لحقوق الإنسان والمعايير الإنسانية. ونُكرِّر دعوة مفوّض الأمم المتّحدة السامي لحقوق الإنسان فولكر تورك في اجتماع مجلس الأمن التابع للأمم المتّحدة يوم الجمعة “لإجراء تحقيق مستقلّ وشامل وشفّاف حول ظروف هذه الانفجارات”. ندعو الدول الأعضاء بشكل عاجل إلى إدانة هذه الهجمات واتّخاذ خطواتٍ فورية لتجنُّب المزيد من الهجمات المماثلة، وحماية المدنيين في البلدان المتضرّرة ودعمهم، والحرص على مساءلة كلّ مَنْ شاركَ في ارتكاب هذه الهجمات المروّعة.

 

وإذ لم تُكشَف تفاصيل الهجوم بعد، وما زالت الأضرار في طور التزايُد، يتحمّل المدنيون الأبرياء وطأة حملة سرّية حوّلت أجهزة الاتّصال إلى أسلحة فتّاكة. إنَّ الانفجارات العنيفة التي حصلت في المنازل والسيّارات والمحلّات التجارية والمقاهي قد زرعت حالةً من الذعر والرعب في مجتمعاتٍ بأكملها، وبات أفرادُها لا يعرفون متى وأين يحصل الهجوم التالي. وفي الاجتماع الذي عُقِدَ يوم الجمعة، أوضحَ عددٌ من الأعضاء أنَّ هذه الهجمات من المُرجَّح أن تُشكِّل انتهاكات جسيمة للقانون الإنساني الدولي، مُكرّرين دعوة المفوّض تورك لإجراء تحقيق مستقلّ. فلا بدّ من محاسبة الجهات المسؤولة عن هذه الأفعال.

 

انتهاك للقانون الدولي وحقوق الإنسان

يبدو أنَّ هذه الانفجارات المُنسَّقة صُمّمَت لترهيب المدنيين وإلحاق الأذى بهم. لقد فجَّر الجُناة الأجهزة في وقتٍ واحد وعن بُعد، من دون القدرة على ضمان سلامة المدنيين. وإنَّ ترهيب المدنيين، واستخدام الأجهزة المتفجّرة عن بُعد ومن دون مراقبة في المناطق الحضرية، واستهداف المدنيين الذين لا يشاركون بشكل مباشر في الأعمال العدائية، كلّ ذلك يندرج ضمن الأعمال المحظورة بموجب القانون الإنساني الدولي. وتستدعي هذه الأفعال اهتماماً عاجلاً من المجتمع الدولي.

 

وفي حين لم تُكشَف بعد الحقيقة الكاملة بشأن الجُناة والأساليب التي استخدموها، تتجلّى مسؤولية المجتمع الدولي بوضوح: لا بدَّ من مساءلة من كانَ وراء هذه الاعتداءات. ولا يجوز السماح بالإفلات من العقاب.

 

هناك عدّة كيانات لها ضلوع في الجهود الجارية للكشف عن مورّدي الأجهزة المرتبطة بالتفجيرات. ومن المحظور تصنيع الأجهزة التي تنفجر عن بُعد بدون مراقبة والتي لا تسمح باختيار هدفها. وتلتزم الدول بموجب القانون الدولي بضمان عدم مساهمة الشركات التي تقع ضمن ولاياتها القضائية في انتهاكات القانون الإنساني الدولي وقانون حقوق الإنسان. وتزداد التزامات الدول ومسؤوليات الشركات بشكلٍ خاصّ في سياقات الحروب والنزاعات المسلّحة.

 

وفيما يعقد مجلس الأمن اجتماعه، فإنَّنا ندعو أعضاءه إلى التصدّي لهذا التصعيد بالجدّية المطلوبة. فهذا الهجوم الوحشيّ غير المسبوق يشكّل تهديداً خطيراً لا يقتصر على المنطقة فحسب، بل يطال السلام والأمن في العالم بأسره. إنَّ هذا الظرف يستدعي اتّخاذ موقف شجاع وموحّد من أجل كرامة الإنسان وأمنه.

 

وعليه، ندعو بشكل عاجل إلى ما يلي:

 

الوقف الفوري للهجمات العشوائية ضدّ المدنيين واستخدام الأجهزة الرقمية كأسلحة في المناطق المدنية: نُطالب الدول الأعضاء بالتحرّك السريع لإدانة هذه الهجمات والدعوة إلى إنهائها فوراً لمنع وقوع المزيد من الوفيات، وحماية المدنيين، واحترام قانون النزاع المسلّح.

 

المساعدة والحماية الإنسانية الفورية: مع استمرار ارتفاع عدد الإصابات البشرية وسط حالة التوتُّر وعدم الاستقرار المتزايدين، نُطالب الدول الأعضاء بتوفير المساعدة الدولية الفورية، بما في ذلك الرعاية الطبّية والدعم للضحايا.

 

إجراء تحقيق دولي فوري: يجب أن تُسارِع الأمم المتّحدة إلى طلب إجراء تحقيق سريع وفعّال وشامل ونزيه وشفّاف حول ملابسات التلاعب بأجهزة الاتّصالات ومحاسبة الجهات المسؤولة عن القيام بذلك.

 

آليات المساءلة: يجب أن يستخدم المجتمع الدولي كلّ الوسائل المتاحة، بدءاً بالعقوبات ذات الأهداف المحدّدة بعناية وصولاً إلى الدعاوى القانونية، لمحاسبة مُرتكِبي هذه الأعمال العنيفة التي طالت المدنيين.

Tags:

0 تعليق

إرسال تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *