تحالف الشرق الأوسط وشمال إفريقيا للحقوق الرقمية يرسل رسالة مفتوحة إلى شركة ميتا بشأن إخفاقاتها في حقوق الإنسان في فلسطين

وجّه تحالف الحقوق الرقميّة في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا (MADR) رسالةً مفتوحةً إلى شركة “ميتا” (META) وقّعتها 12 منظّمة، بشأن فشل الشركة المستمرّ في الوفاء بالتزاماتها المتعلّقة بحقوق الإنسان في فلسطين. وتنتقد الرسالة تقرير التقدّم للعام 2024، الذي نشرته “ميتا” لتوضح كيفيّة تنفيذها لتوصيات شبكة “أعمال من أجل مسؤولية مجتمعيّة” (Business for Social Responsibility المعروفة اختصاراً باسم BSR) في “تقرير العناية الواجبة ذات الصلة بحقوق الإنسان حول آثار ميتا في إسرائيل وفلسطين في مايو 2021”، وتعتبره استجابةً ضعيفة. ونفذّت شبكة “أعمال من أجل مسؤولية مجتمعيّة” هذه الدراسة استجابةً لتوصيةٍ من مجلس الإشراف التابع لـ”ميتا” في إطار قضيّةٍ نُشرت في أيلول/سبتمبر 2021، راجع فيها المجلس قرار الشركة إزالة منشورٍ شارك مقالاً نُشر على صفحة قناة “الجزيرة”، واعتبره غير صحيح. وحصلت هذا الإزالة في خلال فترة اعتداءات إسرائيل على فلسطين في أيّار/مايو 2021؛ ولم يكن التأكّد من أنّ مصدر المحتوى هو مقالٌ إخباريٌّ على صفحة مُحقّقة كفيلاً بحمايته من الإزالة.

وأتت رسالة التحالف هذه بمبادرةٍ من “المركز العربي لتطوير الإعلام المجتمعي” – “حملة”، وهي منظّمة فلسطينيّة دأبت على دقّ ناقوس الخطر بشأن إدارة المحتوى في فلسطين وكلّ ما يتعلّق بها، وعلى تقديم الدعم للمستخدمين/ات الذين يواجهون مشاكل تتعلّق بإدارة المحتوى، وعلى توثيق انتهاكات الحقوق الرقميّة. وبحسب ما أشار إليه إريك سايب من مركز “حملة”، “ما انفكّ المجتمع المدنيّ يطالب ’ميتا‘ بالأمر نفسه لسنواتٍ طويلة، ولكن، عندما يتعلّق الأمر بالشفافية والمساءلة، لم تحقّق ’ميتا‘ أيّ تقدّمٍ جوهريٍّ في ما يخصّ مطالبنا الأساسيّة”. ومثل مركز “حملة”، يعمل عددٌ من الجهات الموقّعة على الرسالة مباشرةً مع “ميتا” في مجال إدارة المحتوى في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، ويدافعون عن حقوق الإنسان الرقميّة منذ فترةٍ طويلة تجاوزت العقد بالنسبة لبعض هذه المنظّمات.

في الواقع، لم تكن توصية “مجلس الإشراف” بأن تجري “ميتا” العناية الواجبة بحقوق الإنسان في ما يتعلّق بفلسطين فكرةً جديدةً، بل عكست نداءاتٍ وحملات مدافعة مستمرّة من قبل أعضاء تحالف الحقوق الرقميّة في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا وجهاتٍ أخرى، بما في ذلك حملة “التوقّف عن قمع أصوات فلسطين” (Stop Silencing Palestine). كما تشير الرسالة، وعلى الرغم من الانتصارات الصغيرة، لا تزال الإخفاقات الأساسيّة في إدارة المحتوى التي حصلت في مايو/أيار 2021 مستمرّة، بل أنّها باتت أسوء في بعض الحالات، حتّى مع استمرار الهجوم الإسرائيلي المتواصل على غزّة وفلسطين ككلّ، والآن على لبنان، لا سيّما أنّ وسائل التواصل تبقى القناة الرئيسيّة للمعلومات في المنطقة كلّها.

وتشير الرسالة إلى ازدياد التضامن الإقليمي حول قضايا إدارة المحتوى في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا. فمعظم المنظّمات التي تدعم هذه الرسالة ليست فلسطينيّة، ولكن تشكّل فلسطين موضوعاً رئيسياً بالنسبة إلى المجتمع المدني في المنطقة. ولا ينجم هذا الاهتمام عمّا تمثّله فلسطين فحسب، وإنّما أيضاً لتأثير كلّ مشكلة يواجهها الفلسطينيون/ات في إطار إدارة المحتوى والمحتوى المتعلّق بفلسطين على المنطقة بأكملها.

عالجت كلّ هذه المجموعات بلا كللٍ مشكلة إزالة وثائق حقوق الإنسان والمحتوى السياسي باللغة العربيّة، بالإضافة إلى التهديدات ضدّ الفئات المهمّشة، بما في ذلك مجتمع الميم، التي لا يتمّ التطرّق إليها ومعالجتها. غالباً ما تكون هذه الإخفاقات، في فلسطين وفي كافّة أنحاء المنطقة، مدفوعةً بضعف الدعم للّغة العربيّة، والافتقار إلى أنظمةٍ آليّةٍ لمعالجة خطاب الكراهيّة الخطير والتحريض على العنف، والإفراط في الاعتماد على القوائم والمعايير الأميركيّة، والافتقار العام إلى الشفافية حول قائمة المنظمات الخطرة والأفراد الخطرين، والتعاون غير المُعلن مع الحكومات. لا يُعدّ تخطّي هذه المشاكل مستحيلاً. فكما أشارت مسؤولة قسم السياسات في “سمكس”، ماريان رحمة، “يُظهر تجاهل “ميتا” المستمرّ لمطالبنا افتقاراً واضحاً للالتزام بمبادئ الأعمال وحقوق الإنسان. فالمشكلة ليست قدرة “ميتا” على معالجة هذا التحيّز، بل عدم رغبتها في ذلك”.

يا تُرى، ما هو المحرّك الذي قد يدفع شركة “ميتا” إلى اتّخاذ إجراءاتٍ ذات مغزى؟ تأتي هذه الرسالة بعد سنواتٍ من المدافعة، وعشرات التوصيات من مجلس الإشراف التي تعكس هذه المدافعة. سيتطلّب الأمر ضغوطاً مستمرّة من المجتمع المدني الذي هو في أمسّ الحاجة إلى الدعم. ومع تزايد اهتمام المؤسّسات الدوليّة بالوضع في فلسطين، نأمل أن تندّد بانتهاك وسائل التواصل الاجتماعيّ لحقوق الإنسان، بشكلٍ مباشر وغير مباشر. فلا يُفترض بشركة “ميتا” أن تنتظر رقابة الأمم المتّحدة لاتّخاذ الإجراءات المناسبة، ولكنّ التاريخ أثبت عكس ذلك، كما حصل في قضيّة ميانمار. وهذا بالتحديد ما قامت به المقرّرة الخاصّة المعنيّة بتعزيز وحماية الحقّ في حريّة الرأي والتعبير، إيرين خان، في أحدث تقريرٍ لها، الذي يحمل عنوان “الأخطار التي تهدّد حريّة التعبير على الصعيد العالمي من جرّاء النزاع في غزّة”. وقد ذكرت بعباراتٍ لا لبس فيها أنّ “المنصات قامت بحذف المحتوى الفلسطيني بشكلٍ مفرط”، وانتقدت دور شركة “ميتا” على وجه الخصوص. نأمل أن يحذو المزيد من الأشخاص والجهات حذوها.

لقراءة الرسالة كاملةً، انقروا هنا.

 

الصورة الرئيسية: طيفون كوسكون / الأناضول / عبر وكالة الأناضول

 

*إخلاء المسؤولية: عملت الكاتبة ديا كيالي كموظفة في القضايا والسياسات في مجلس الإشراف لمدة عام ونصف. يمكنك قراءة سيرتها الكاملة هنا.

Tags:

0 تعليق

إرسال تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *